قصة: محمود شقير
ينطلق
الفتى في الكروم مثل مهر جموح، يركض، يتسلق الوعر، يتشمم روائح القرنفل والنرجس،
يقطف سيقان عباد الشمس والريحان، وكلما فاضت به النشوة مال بعنقه على ورق التفاح
والدراق وغاب لحظة عن الدنيا هناك.
ينطلق
الفتى ولا يقر له قرار، تكبر في نفسه اللهفة: لو يستطيع أن يكور هذه الدنيا
الفسيحة مثلما يفعل بورقة بيضاء، ثم يخبئها إلى الأبد في قلبه، لعل ما في القلب من
أوارٍ يهدأ لحظة أو يعرف معنى السكوت.
يتوقف
الفتى مذهولاً وهو يرى المرأة تحت شجرة الدراق، ترتدي ثوبها المطرز الذي ينساب مثل
نهر على رخام الجسد، تحمل في يدها سلة من قش وتقطف ثمر الدراق.
تجفل
المرأة، تنزلق عن غير قصد فوق التراب، ينكشف الجسد البض، تخفيه بسرعة فكأنه برق
السماء يلمع بغتة، ثم يأتي أوان الرعود.
يبتعد
الفتى مصعوقاً، ويظل دهراً كاملاً يرزح تحت وطأة الكروم الوفيرة وسلة الدراق
والبرق الذي كان بغتة ثم غاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق