الاثنين، 2 يناير 2017

مهاجر



قصة: محمود شقير 



       المرأة تغني من كوة في الباب: القدس من ذهب، فكأنما يتأكلها الحنين إلى حياة الليل في الخارج، والشرطي الذي اجتذبته موجة الهجرة الأخيرة، يعلن خطوه الثقيل في باحة السجن، يتوقف أمام الزنازين، يراقب من الكوى الضيقة رجالاً يرسفون في قيودهم، ثم يبتعد أمام وطأة عيونهم التي تخترق الكوى، يتمشى في الباحة وهو يؤنب نفسه، ويحلم بأمسية هادئة على بحر بعيد مع امرأة يلتقيها صدفة في الطريق.
       والمرأة تغني من كوة في الباب ثم تصيح: أيها الشرطي المنتصر أعطني سيجارة من فضلك! يناكفها عن غير قصد: اخرسي أيتها الزانية القادمة من وراء البحار.
       المرأة تكف عن الغناء، تشتم أم الشرطي بلغة الإيديش دون اكتراث، ثم تصمت، يزحف الليل بطيئاً، والشرطي ينوء تحت وطأة الوظيفة وعبء الانتصار والعيون التي تخترق الكوى بحثاً عن وطن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق