الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

اشتباك



 قصة: محمود شقير

  
الكهل يجلس قرب الشباك في صالة بيته.
       وثمة شمعة مضيئة على المائدة، تفصل بينه وبين بثينة التي تزوجت قبل عام، والكهل يتناول الطعام متلذذاً به، وبابتسامة بثينة التي لا تفارق شفتيها المكتنزتين.
       وبثينة تأكل، على مهل، الطعام الذي أعده لها الكهل، ولا يبدو عليها أنها سعيدة، لأن أحاسيس غامضة تعذبها، ولا تجعلها مستقرة على حال. تبدي للكهل ندمها لأنها تزوجت بمثل هذا الاستعجال، والكهل يحاول طمأنتها قائلاً: هذه هي الحياة.
       بثينة لا تروق لها حكمة الكهل الباهتة، تقول: قل شيئاً غير هذا يا عمي. يقول الكهل مازحاً بخبث مقصود: عمى يعمي عينيك. بثينة تضحك، ويلذ لها أن تلعب بأعصاب الكهل، تقوده من يده، تجلسه على الكنبة، تتكور في حضنه، تداعب شعر شاربيه باصبعها، والكهل يملس على شعرها بحنان.
       تقول إنها الآن تتذكر طفولتها البعيدة، وهي تجلس في حضن أبيها فتشعر بالأمان، والكهل منزعج من هذا الكلام، وبثينة تقول إنها ترغب في الاغتسال.
       الكهل ينهض وهو يحتضنها بين ذراعيه، يفتح الصنبور لكي يملأ حوض الحمام الأبيض الصقيل بالماء. بثينة تخلع الفستان، تتمدد في الحوض، وتهز فخذيها تحت الماء، والكهل يخلع ثيابه، يقتحم سطح الماء، ويقرفص قرب قدميها الصغيرتين مثل قنفذ بلا أشواك.
        وبثينة لا تعيره أدنى اهتمام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق