الاثنين، 30 أبريل 2018

النافذة



قصة: محمود شقير

اليوم
الأول من أيام العام الجديد.
       السماء مجللة بالغيوم، والرجل واقف في النافذة بعد ليلة من الأرق، يتأمل عبر فضاء النافذة : شجرة الليمون التي ما زالت غضة الساق، المرأة التي تلم الغسيل عن سطح البيت، خشية من مطر مرتقب، البنت التي تتدثر بمعطف أحمر وهي تتمشى في فناء قريب، منكبة على كتابها المدرسي استعداداً لامتحان منتظر، الجبل المتجهم في الجهة المقابلة دون أن يفصح عن أسباب تجهمه، مبنى الجامعة المحاط بشجر كثيف، البلدة المجاورة التي تعلو بيوتها مئذنة الجامع الوحيد، طرف المستوطنة التي تتمدد على أرض البلدة ذات الجامع الوحيد، المدى الجغرافي الموغل في الاتساع، سلسلة الجبال البعيدة القاتمة، وخلفها المدينة التي عاش فيها الرجل خمس عشرة سنة، وفيها المرأة التي أحبها وتزوجها سراً، دون أن تعلم زوجته الأولى، ثم افترق عنها لأسباب عديدة، وفيها الطفلة التي أنجباها، وبقيت هناك في رعاية أمها التي تزوجت من جديد.
         والرجل يغادر النافذة غير راغب في مزيد من الذكريات،  يجلس في صالة البيت، يشرب قهوته على مهل، يرفع سماعة الهاتف، وينتظر لكي يسمع صوت طفلته قادماً من بعيد.


الخميس، 5 أبريل 2018

أسى

   


 قصة: محمود شقير

  قال وهو يسعل في فضاء غرفته الباردة: لولا أنها تزوجت من صديقي لتزوجتها. قال ذلك بصوتٍ عالٍ لاعتقاده أنه يتحدث إلى عدد من أصدقائه الذين عرفهم طوال سنوات، غير أنه كان يحدث نفسه، إذ لم يعد يزوره أصدقاؤه بعد أن تخلوا عنه واحداً إثر آخر.
       قال: كنا نحبها معاً، ونشتهي دون مواربة جسدها الريان. نتحدث عن كنوز جسدها، كلما خطرت بالبال.
       كانت تغمز لي بعينها كلما رأتني، وتغمز لصديقي بعينها كلما رأته. كان صديقي أبرع مني في اغتنام الفرص. فاتحها بأمر حبه لها، اتفقا على الزواج، فتزوجا وأنجبا عدداً من البنين والبنات.
        في تلك الأثناء تزوجتُ عدة زيجات انتهت كلها بالطلاق لهذا السبب أو ذاك.
        قبل أيام، ذهبت إليها أعرض عليها الزواج بعد ثلاثة أشهر من وفاة زوجها، الذي لم يزهد في صداقتي إلا قبل عام.
       قال: رفضتني لأنني _ كما قالت _ أذكرها بعهد الشباب الذي ولى وغاب.