الأحد، 25 فبراير 2018

السوق



قصة: محمود شقير


       ذهبت وحدها إلى السوق.
       كان السوق غاصاً بالخلق من كل الأشكال.
       ذهب وحده إلى السوق.
       كان السوق خالياً، وليس من أحد سوى حارس عجوز يقف أمام بوابة مبنى مغلق.
       قالت له فيما بعد: انتظرتك عند أول السوق. قال لها: انتظرتك عند آخر السوق. حدقت فيه بنظرة اتهام، حاول إقناعها بأنها هي أساس الخطأ. في تلك اللحظة، مر الحارس العجوز، حدق فيهما لحظة ومضى دون كلام.
       تلمست المرأة ساقها من خدر طارئ، وابتعدت مثل سهم في الظلام.


الأحد، 4 فبراير 2018

السؤال





*قصة: محمود شقير

تلك المرأة ذات القوام الممشوق، في بيتها الريفي الواقع على طرف الشارع الذي يذهب نحو الجنوب، استيقظت من نومها ذات صباح، ذهبت إلى الزريبة لتطمئن على البقرة، قدمت لها العلف وعادت لتوقظ زوجها كي يستعد للذهاب إلى عمله في المصنع الكبير في المدينة المجاورة.
        تلك المرأة المثابرة، أيقظت ولديها وهيأتهما للذهاب إلى المدرسة، ثم راحت تكنس ساحة بيتها وهي تحاذر أن يندلق نهداها من فتحة الفستان.
      تلك المرأة التي عينها مثل فتحة الفنجان، توقفت عن الكنس لحظة، رنت بعينيها إلى الحافلة التي تقل فوج السياح، فيما الحافلة تتوقف لحظة عند المنعطف. وقعت عيناها دون قصد على عيني ذلك الرجل الذي لم يشبع بعد من متعة السفر،  ابتسم لها وابتسمت له دون وجل.
      ذلك الرجل، ما زال يسأل نفسه: ما الذي فعلته المرأة بعد أن انتهت من كنس الساحة؟ هل بقيت واقفة هناك أم اتجهت الى المطبخ أو الى غرفة النوم؟ هل غسلت صحونها في المجلى أم اضطجعت بعض الوقت في فراغ السرير؟  وهل تتذكره مثلما يتذكرها الآن؟
      ويحيره السؤال: هل ما زالت تلك المرأة على قيد الحياة بعد تلك السنوات الطوال؟