السبت، 30 سبتمبر 2017

الشجرات الثلاث



قصة: محمود شقير

الشجرات الثلاث، اللواتي يتجاورن منذ سنوات طويلة في الساحة الكبرى، التي تجري فيها الاحتفالات، الشجرات الثلاث كن طوال المساء، يتهامسن بحذر دون أن يجعلن أحداً من المحتفلين، يعرف ما يدور بينهن من كلام. الشجرات الثلاث، بعد أن انتصف الليل، خلعن أرديتهن ورحن يتثاءبن في هدوء الخريف مثل نساء متعبات، وتظاهرن بالرغبة الملحة في النوم.
         الشجرات الثلاث، بعد أن عاد المحتفلون إلى بيوتهم، وغطت المدينة في نوم ثقيل، غادرن المدينة، لأن أحداً لم يشاورهن في أمر الاحتفال، ولم يحفل بهن أحد.
          غادرن المدينة، بحثاً عن قمة جبل بعيد، غير آبهات لريح الجبل التي تقتلع الأشجار.


الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

مقبرة



قصة: محمود شقير

 
        في الصباح الباكر من شهر تشرين الثاني، تدلف المرأة إلى المقبرة في حذر شديد، كي لا توقظ عريسها الذي اغتاله الرصاص، بعد ثلاثة أسابيع من زفافهما اللذيذ.
        تجلس عند شاهدة القبر، ومعها علبة فيها حلوى كان يحبها، عريسها الحبيب. تنتظر الوقت المناسب، لكي تقدم له الحلوى.
        كان عريسها في تلك اللحظة، يغط في موت عميق، وبجواره تماماً، أربعون شهيداً آخر لا ينتظرون أحداً، ولا يعرفون أن ثمة زوجات وأمهات، يسرن الآن على دروب الصباح الباكر، تحت المطر، ومعهن الكثير من الحلوى، لأحبة يمعنون في موتهم ولا ينهضون.



الخميس، 14 سبتمبر 2017

مفارقة



قصة: محمود شقير



        يبحث عن لحظة جمال خارقة، تهب حياته معنى ما.
        منذ سنوات وهو يعزل نفسه في صومعة، يبحث في الكتب عن شيء ما، يضنيه البحث، حتى لا تعود عيناه قادرتين على التقاط الحروف.
        خارج الصومعة، في الوقت نفسه، جبال شامخة، تبدو في ساعات الأصيل، كما لو أنها تتأهب للذهاب إلى احتفال مهيب، في مكان ما فوق هذه المعمورة.
       خارج الصومعة، نساء يرتدين أجمل الثياب، تأهباً لسهرة خارج البيت، سهرة مليئة بكل الاحتمالات التي تهب الحياة مذاقاً لا يتكرر في كل حين.
       خارج الصومعة، خيانات صغيرة وأخرى كبيرة، يجري ترتيبها على نار هادئة. وعيون متلهفة قادرة على رؤية كل التفاصيل العذبة التي يزخر بها هذا الكون، ومن ضمنها بطبيعة الحال، تلك الصومعة التي يفني نفسه داخلها، رجل يحاول تكثيف ما في الكون من جمال، في كتاب زاخر بالتفاصيل، أو في جملة واحدة، لها قدرة فذة على البقاء.