الأربعاء، 23 أغسطس 2017

عيد



قصة: محمود شقير


      الجدة العجوز، بأنفها البارز الذي تطل من فتحتيه شعيرات سوداء مشعثة، بظهرها المحدودب من عسف الزمان..
     الجدة العجوز، التي طردها الزوج النزق من بيته، بعد أن أمضت في خدمته أربعين سنة، ولم تجد مأوى لها إلا في بيت ابنتها الوحيدة، المتزوجة من رجل لا يجيد البقاء في أية مهنة أكثر من عدة أسابيع..
     الجدة العجوز، بكت بمرارة، لأن حفيدها الصغير الذي اعتاد أن ينام في حضنها، ويغفو على حكاياتها العذبة، عن الأميرة الصغيرة والأشرار، لم يبادر إلى تهنئتها بالعيد، ليس لسبب مقصود، وإنما لمجرد النسيان، وهو الأمر الذي لم يوضحه أحد للجدة العجوز، التي لها قلب طفل بريء، فاستمرت في البكاء طوال يوم العيد.


الأحد، 13 أغسطس 2017

دم




قصة: محمود شقير  
     يهمي المطر كأنه دموع الأمهات.
         يعود الفتى الملثم إلى البيت محمولاً على أكتاف الأصدقاء، يمتزج دمه بخيوط المطر النازل مدراراً من السماء، تتبلل كوفيته وقميصه والحذاء.
          القاتل يجلس الآن في صالة المطعم قرب النافذة، يجلس منتظراً المرأة التي تعرف عليها قبل أيام.

          يشرب النبيذ، ويحاول إقناع نفسه بأنه أدى واجباً عسكرياً لا يستطيع إلا أن يؤديه، وفي الخارج يهمي المطر، والقاتل يبدو مستاء، لأن المرأة تأخرت عن القدوم إلى الموعد، ربما بسبب المطر، ثلاث ساعات


الجمعة، 4 أغسطس 2017

اقتحام



قصة: محمود شقير 

         الغرفة الصغيرة المؤثثة بأثاث قديم، فقدت الرجل منذ أيام ثلاثة.
         الرجل خرج في الصباح دون أن يتناول طعام الفطور. اكتفى بفنجان قهوة وسيجارة. لم يرتب سريره، ولم يفتح الستارة كي تدخل أشعة الشمس من النافذة.
         الرجل مضى دون أن يقول شيئاً لخزانة الثياب، أو لأي من كتبه المكدسة على الرفوف. الكتب تتشاور في ما بينها، تحدق بنزق في المجلة التي كانت بين يدي الرجل وهو في سريره قبل أن ينام، والمجلة تسترخي في السرير مثل امرأة ماكرة، ولا تبوح بأي شيء للكتب التي اعتراها القلق.
         الخزانة تهم بأن تسأل الستارة عما حدث، والستارة تهم بأن تسأل الباب، والباب لا يبدو معنياً إلا بشيء واحد: أن يظل متماسكاً كي يحمي الغرفة من أي اقتحام.
         والصمت ينكسر، قبضات كثيرة تدق على الباب، والباب يقاوم القبضات، أرجل كثيرة تضرب الباب، والباب ينخلع، والجنود الغرباء يقتحمون الغرفة، يفتشون خزانة الثياب، ينعفون الكتب، يمزقون الستارة، يقلبون الفراش، ويلقون بالمجلة في سلة المهملات.
         والجنود يغادرون الغرفة، وخزانة الثياب تبكي، والمجلة ترتجف، والباب منذهل، والرجل الآن في المعتقل.