الجمعة، 30 يونيو 2017
"سقوف الرّغبة" لمحمود شقير: الفلسطيني والقدس
بهذا التّفرّد نجح محمود شقير في أن يقدّم لنا الأدب الجميل بلغته الرشيقة السّلسة الأخّاذة والمفردات المتناغمة بإيقاع مُنساب لا نشاز يتخلّله، وأن يكرّس للقدس كلّ حبّه ومعظم إبداعه، لا يكتفي بكتابة القصص القصيرة المتقطّعة، فهي تستحق القصص المتلاحمة المستمرّة التي لا نهاية لها. والقدس ليست الاسم النّكرة، هي المعشوقة المعبودة ولهذا جاءت بصورة ليلى لتلتقي بعاشقها قيس.
الجمعة، 23 يونيو 2017
غرف
قصة: محمود شقير
في
الغرفة الأولى
رجل وحيد.
في
الغرفة الثانية
امرأة وحيدة.
في
الغرفة الثالثة
رجل وثلاث
نساء، في
الغرفة الرابعة
امرأة وثلاثة
رجال.
في
الغرفة الخامسة
فراغ محير،
في الغرفة
السادسة طفل
يبكي، في
الغرفة السابعة
قطة نائمة
على فراش
مهجور، في
الغرفة الثامنة
ملابس امرأة
منعوفة على
الكرسي وعلى
طرف السرير.
في الغرفة
التاسعة مذياع
صامت، مرآة
مكسورة ورسالة
متروكة على
الطاولة.
في
الغرفة العاشرة
حارس، يتفقد
الغرف التسع
كل ساعة،
يجد أبوابها
مغلقة بإحكام،
فيعود إلى
غرفته مطمئناً
إلى أن
كل شيء،
في الغرف
التسع، على
ما يرام.
الجمعة، 16 يونيو 2017
عتبة
قصة: محمود شقير
البيت
القديم ما
زال يصارع
الزمن الغشوم.
الأشكال
الفنية التي
رسمها بفرشاته
ذلك الدهان
السكير، ما
زالت تتحدث
بإخلاص عمن
أنجزها بمزاج
رائق، قبل
خمسين سنة
أو أكثر
قليلاً. ولم
تقلل من
قيمتها، الرطوبة
اللعينة التي
غزت الجدران، وجعلت
بعض الرسومات تبدو
كأنها آثار
أمة بائدة.
الدهّان
مات قبل
سنوات عديدة،
ولم
يعد أحد
يذكره إلا
لماماً، وبالذات، حينما
يجتمع الأبناء
في بيت
العائلة، الذي
لا يعمره
الآن سوى
الرجل العجوز
وامرأته.
هذا
المساء،
يجلسان
في البيت
وحدهما، يشربان
شاياً بالنعناع، والموت
يقعي على
عتبة الباب
مثل كلب
هرم لا
يقوى على
النباح. يتوهمان
أنهما سمعا
صوتاً عند
العتبة. يتساءلان في
وقت واحد
تقريباً: من
هناك؟
لكنه
من شدة
مكره لا
يجيب.
وهو
ما زال
يقعي على
العتبة، دون
أن يفصح
عن غايته
من المجيء.
السبت، 10 يونيو 2017
عربات
قصة: محمود شقير
عربات
الترام المتجهة
نحو المحطة
الأخيرة في
الحي البعيد،
يصطك
حديدها عند
المنعطفات، فيصدر
أصواتاً كالعويل.
تقف
المرأة في
الطابق السابع،
تتأمل العربات
في الليل
الموحش، فلا
ترى عبر
نوافذها المضاءة
سوى حفنة
من الركاب
الغامضين ،
يعتريها إحساس
بأن في
هذا الكون
خللاً ما.
يقف
الرجل في
الطابق السادس
يتأمل العربات، ولا
يعرف أن
المرأة تشاطره
الإحساس نفسه.
يبكي الطفل
في الطابق
الأرضي، فلا
تأتيه أمه
كعادتها، لأنها
في الحمام،
تفرك جسدها
بالماء الساخن
والصابون، احتفاء
بزوج لا
يجيء.
والعربات في
الخارج تنتظر
الركاب، فلا
يأتون في
مثل هذا
الوقت من
الليل.
تعود إلى قلب المدينة يملؤها العويل.
الأحد، 4 يونيو 2017
سفر
قصة: محمود شقير
البنت
ترقب كل
مساء قطار
الساعة السادسة.
تتأمل
المسافرين الذين
يحدقون من
خلف النوافذ، وفي
نفسها توق
إلى المسافات البعيدة.
الأب
يعتني في
المساء بالحديقة الصغيرة، ولا
يرفع رأسه
نحو القطار
الذي يمر
رتيباً.
الكلب
يقعي قرب
السياج، يطلق
دون أن
يتحرك من
مكانه نباحاً
متقطعاً للإيحاء
بأن له
دوراً يؤديه،
ثم يصمت
على نحو
قابل لكل
الاحتمالات.
البنت،
ذات مساء،
تركب القطار
وتمضي بعيداً.
والأب،
في إحدى
الليالي، يموت
تاركاً الكلب
وحده في
فناء الدار.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)