السبت، 30 أبريل 2016

حياة




قصة: محمود شقير

المرأة الحامل، التي بقيت على وجه الأرض صدفة بعد أن حصد السلاح النووي كل شيء، ولدت طفلاً وسيماً، غير أنه في اللحظة التالية لولادته، وقعت ذرة من الإشعاع النووي فوق أنفه الصغير، فاستطال الأنف إلى درجة مريعة، مما يضطر الأم كل صباح إلى قطع ثلاثة آلاف ياردة سيراً على الأقدام، للوصول إلى طرف الأنف القصي، كي تغسله بالماء والصابون، ثم تعود لترضع الطفل حليب الصباح.


الأحد، 24 أبريل 2016

في مديح النساء.. جمع شتات العائلة الفلسطينية




كتب: محمود حسني


"مديح لنساء العائلة" للكاتب الفلسطيني محمود شقير (هاشيت أنطون – 2015)، هي الجزء الثاني من روايته "فرس العائلة". لكن العمل يأتي في إطار زمني يكاد يكون منفصلًا بأحداثه وظروفه المكانية عن الجزء الأول. لا يحتاج القارئ للرجوع لـ "فرس العائلة" لمتابعة أحداث الرواية.

أسأل شقير إذا كان قد فكّر في كتابة "مديح لنساء العائلة" أثناء كتابته "فرس العائلة"، فيخبرني أنه كان يفكر في تلك الفترة بـ "فرس العائلة" وبالمسار الذي اختطته لنفسها عائلة العبد اللات التي تمحورت الرواية حولها. ويستدرك: "لكنني كنت أدرك أنني سأكتب رواية ثانية وثالثة لأغطي مساحة زمنية تزيد على مئة عام من حياة هذه العائلة، وبحيث تبقى كل رواية من الروايات الثلاث مستقلة بذاتها، رغم وجود صلات قربى أكيدة بينها، كونها تتحدث عن أجيال متعاقبة من عائلة العبد اللات، وتحفر في مرحلة زمنية ممتدة ومتصلة من حياة الشعب الفلسطيني في العصر الحديث".
***
محمد بن منان العبد اللات "الأصغر" هو الشخصية الرئيسية في العمل، والتي تحتل ما يزيد تقريبًا عن نصف مساحة السرد في العمل.
يوزِّع "الأصغر" مساحات الحكي بين شخوص العمل. فهناك أمه "وضحا" التي تحتل جزءًا ليس كبيرًا من العمل، ومع ذلك يبرز صوتها بوضوح، حيث تطغى على سردها اللهجة الفلسطينية واهتمامها بالتفاصيل الحياتية الصغيرة التي تظهر فيها الأساطير والخرافات مثل الحسد ومكائد النساء كجزء أساسي من تكوين خيالاتها وفهمها لسير الحياة من حولها.
يظهر أيضًا فليحان وهو أخو محمد الأصغر لكن من أم أخرى "مثيلة" وهو كما يقول الأصغر على لسان أبيه: "أحد الذين خيّبوا ظني من أبنائي"، بتجارته في الحشيش مع العدو الإسرائيلي.
كانت وصية منان لابنه محمد الأصغر أن يجمع شتات عائلة العبد اللات بعد أن تباعدت وتفرقت،  مثل كل شيء في فلسطين، بما فيها العشائر البدوية. لكن الأصغر كان يرى أن أباه يحمِّله ما لا يستطيع القيام به، وأن الشتات مصير محتوم لا يستطيع أحد ردّه.
كما يظهر في الرواية صوت عطوان "شقيق فليحان الأصغر" على هيئة رسائل يبعث بها من البرازيل إلى أبيه ويتكفل بقراءتها محمد الأصغر .
***
الثيمة الرئيسية للعمل، كما يشير العنوان، تدور حول تفاصيل حياة نساء عائلة فلسطينية. تبدأ الأحداث مع زمن نكبة 48 مرورًا بنكسة 67 وصولًا إلى ما بعد أكتوبر 73. يظهر اهتمام شقير بسرد تفاصيل الأعراس، الأحزان، أنواع الطعام والشراب، طريقة لبس النساء، العادات والتقاليد والأفكار، دخول الكهرباء وما تبعها من تليفزيون وراديو، التعامل مع التكنولوجيا، وحياة العشائر وانتقالهم من الرعي في البادية للمدينة.
لا يحدث هذا في خط زمني مستقيم، فنجد الراوي "الأصغر" يتقدم زمنيًا ثم يعود في بعض الأحيان، لتفاصيل تخص حادثة كان يروي عنها من قبل، ثم يستعيد خطّه الزمني ويستأنف ما كان يحكي عنه.
ينفِّذ شقير هذه التقنية في عمله بإيقاع غير متثاقل ولغة سهلة حتى في استخدامه للعامية الفلسطينية. كما يمكن للقارئ أن يرى في خلفية العمل تفاصيل الواقع الفلسطيني المتأزِّم على مدار هذه الأزمنة المتعاقبة من حبس للمقاومين، وتفاصيل زمن النكبة، ونكسة 67، والنظرة الذكورية للمرأة في مجتمع العشائر الفلسطيني وحركة العائلة ما بين رأس النبع "موطن العشيرة" والقدس.
****
يظهر التنازع بين محمد الأصغر الذي يعمل كاتبًا في المحكمة الشرعية وفليحان. يحاول الأصغر كسر هذا الصراع بالتقارب مع أخيه بإتاحة الروايات التي في مكتبته ليقرأها. يظهر بالتقدم في العمل ولع الأصغر بالقراءة، الأفلام، الروايات، ورغبته في الكتابة التي تباغته من حين لآخر.
"كانت لي طموحات. رغبت وأنا فتى مراهق في أن أكون ممثلا. وحين عملت في المحكمة تبخّرت هذه الرغبة، وحل محلها ميل إلى الكتابة. ولعل تراكم القصص التي دونتها في دفتري عن المطلقات هو الذي حفّزني على دخول عالم الكتابة ما دامت لديّ المادة الخام التي لا ينقصها سوى استيعاب جيد للغة".
وفي خضم ذلك، يترك الأصغر عمله في المحكمة ويعمل مع فرقة مسرحية: "عملت مع الفرقة المسرحية، أروج لعروضها وأبيع التذاكر  للناس وأشرف على نقل الديكور من مدينة لأخرى وأتقاضى مبالغ زهيدة. كنت أشعر بالرضى لأنني قريب من المجال الذي أعشقه وأجد نفسي فيه. بقيت على هذا الحال سنتين".
ثم يعمل مدققًا لغويًا في صحيفة، فيشعر أن حلم الكتابة يطارده حينًا ويتخلى عنه حينًا آخر. فيجد نفسه متأرجحًا بين الحماسة واللامبالاة. "بعد تجربة العمل مع الفرقة المسرحية، انتقلت للعمل مصححا لغويا في صحيفة يومية، راقتني هذه الوظيفة التي اختبرت فيها متانة لغتي العربية... كنت شديد الاهتمام بصفحة الأدب. أدققها وأقرأ ما فيها من مقالات وقصص وقصائد. وكنت أنتظر اللحظة التي أستطيع فيها كتابة نص أدبي أقدمه إلى المشرف على الصفحة لعله ينشره فأرى اسمي متألقًا على رأس النص".
حتى يعود في النهاية إلى فكرة تدوين حكاية نساء العائلة اللاتي كثيرًا ما طالهن الظلم. "تذكرت فكرتي السابقة وتحمّست لها... واعتقدت أن رغبتي في تدوين وقائع حياة العائلة التي انتقلت من البرية إلى مشارف القدس وعايشت أزمنة شتى وحكاما متعددين ظلت كامنة في أعماق رغم إقلاعي عنها من قبل".
***
أتقن شقير تعدد الأصوات، فظهر كل منها بنبرة مختلفة عن الآخر، وبرزت الشخصيات وخلفياتها وأفكارها بوضوح. كان التنقل بين إيقاعات الأصوات رشيقًا. وفي غياب الراوي العليم، وزّع الأصغر مقادير السرد بلا تكلِّف. وهو ما أبعد الارتباك الذي قد تسببه هذه التنقلات لو كانت الأصوات كلها ابنة طرق سرد متشابهة.
أسأله إذا كانت هنالك دلالات قصدها من اشتغاله بالخصوص على حياة النساء الفلسطينيات في بيئتهن، بما كان يحدث فيها من تقلبات غير هينة؟
فيحكي لي عن اختياره لتقنية السرد بتفصيل أكثر: "في الرواية، يجري السرد عبر ثلاثة أصوات ذكورية وصوت أنثوي واحد، وفي ذلك تعبير عن ذكورية المجتمع الذي تدور فيه أحداث الرواية. إلا أن حضور الأنوثة في الرواية مقصود لكونه انتصارًا للمرأة في مجتمع ذكوري، وتأكيدًا على أهمية مشاركة المرأة مع الرجل في كل التفاصيل والمنعطفات".
***
في العادة، يقوم شقير بتدوين ملاحظات، وكتابة مشاهد متفرقة من النص الذي ينوي الاشتغال عليه، ثم ينهمك في الكتابة. يكتب صفحات من النص ثم يعود إليها في اليوم التالي ليدققها، فيحذف منها ما لا يروقه، ويضيف إليها ما يراه مناسبًا من إضافات، هكذا يخبرني عن طريقته في العمل.
ينبّهني أن رحلته مع الكتابة غزيرة ومتنوعة وتمتد لخمسين عامًا. احتار سابقًا في كيفية تنظيم يومه، فقبل التفرغ للكتابة، كان العمل الوظيفي يلتهم الجزء الأكبر من وقته: "كنت أقرأ في الليل، وأكتب في الليل. أقرأ ساعتين أو ثلاث ساعات، وأكتب ساعة أو ساعتين. لم أكن أكتب بانتظام أو في مواعيد محدّدة".
بعد مغادرته للعمل الوظيفي، وكان ذلك من إحدى عشرة سنة، تفرغ  للكتابة والقراءة. شجعه الحاسوب على الاستغراق في الكتابة، حيث أصبح يكتب مباشرة عليه. يبدأ الكتابة في الصباح، ساعة في الحد الأدنى وثلاثًا في الحد الأقصى. ويكتب في الليل ساعتين في الحد الأدنى، وثلاثًا في الأقصى.
***
أفكر أن فلسطين، الهوية والمكان، ربما تكون هاجسًا ومحورًا أساسيًا في عقل كل كاتب فلسطيني، وقد يجعل هذا منها قيدًا يصعب على الكاتب الفلسطيني الفكاك منه أو الانشغال بأفكار أو ثيمات غير متقاطعة معه. أطرح عليه حيرته، فيختلف معي:
"لا أعتقد ذلك، وبخاصة في السنوات العشرين الماضية. فثمة أدباء فلسطينيون كتبوا نصوصًا إبداعية في شتى الحقول والمجالات. وأحيلك إلى ديوان محمود درويش (سرير الغريبة) الذي كرّسه من أوله إلى آخره لحب المرأة. ربما ثار جدل في الساحة الفلسطينية حول تعريف أدب المقاومة، وسماته وأبعاده، ولكني أعتقد أنه قد حسم لصالح توسيع دائرة هذا الأدب بما يعزز إنسانيته، وبحيث يصبح ما كتبه درويش ذا دلالة واضحة، حين قال في كتابه (أثر الفراشة): كل شعر جميل مقاومة".
تنتهي "مديح النساء" بموت الأب وهو لا يزال يطلب من ولده "الأصغر" جمع شتات العائلة، ولكن يبدو أن  الابن وجد في الكتابة عن نساء العائلة عزاءً وطريقة لتنفيذ ما أوكله إليه أبوه. وكأن الكتابة هي أيضًا جمع للشتات، حتى لو كان ذلك بالكلمات، طالما كان هذا مستعصيًا في الحياة.
__________
*موقع مدى مصر 

السبت، 23 أبريل 2016

خيبة



قصة: محمود شقير

المرأة العانس لم تكن قد أخذت زينتها بعد، حينما اقتحم عليها الباب موظف الفندق، ليخبرها أن الجهة المضيفة قد توقفت عن تسديد الفواتير.
       المرأة العانس بكت، لأن موظف الفندق شاهد بأم عينيه طاقم أسنانها منقوعاً في كأس ماء، قرب سريرها، وهي لم تأخذ زينتها بعد.


الثلاثاء، 19 أبريل 2016

عقوبة




قصة: محمود شقير

المرأة الخاطئة، ولدت طفلها وراء الأكمة، دثرته بقطعة من قماش وهي تفكر في مصيره: هل تلقي به على مقربة من قصر السلطان، لعله يتبناه فيصبح وزيراً ذا شأن؟ أم تضعه تحت شباك المرأة العاقر التي لم تنجب لزوجها شيخ التجار، من يرث أمواله من بعده، مما اضطره للزواج عليها سبع عشرة مرة فلم يرزق إلا بعدد وافر من البنات!

       المرأة الخاطئة، قبل أن تتخذ قرارها، فاضت روحها وماتت. طفلها الوليد قام، حفر بين الأشجار قبراً لائقاً، دفن أمه وهو يبكي، ثم مضى في الطرقات يكرز بين الناس بالمحبة، وظل كذلك إلى أن ألقي القبض عليه، لأنه لا يحمل أية وثيقة تدلل على أصله وفصله أو حسبه ونسبه.

الجمعة، 15 أبريل 2016

رحلة



قصة: محمود شقير


       ترتدي جوربين رخيصين وتمضي.
       منذ سنوات وهي تقطع الطريق نفسه مارة بقلب المدينة، حيث يتزاحم العمال في انتظار فرصة للعمل.
       هذا الصباح، تنتابها برودة فاجعة، ظنت غير مرة أن ثمة دموعاً تتجمع في عينيها، تمرر إصبعها اليابسة فوق الجفنين فلا تعثر على شيء.
       وتمضي، تهب ريح قاسية في الطرقات، يضطر العمال إلى رفع ياقات معاطفهم المهترئة، تحكم قبضة يدها فوق معطف باهت، كيلا تتسرب الريح إلى صدرها، إذ تكفيها البرودة التي تنمو في داخلها هذا الصباح.
       وتمضي، لكن الجوربين ينزلقان فوق الساقين، تشفّ تجعداتهما الرخوة عن بؤس لا حدود له، تتوقف لحظة، تشد الجوربين إلى أعلى، ينظر إليها بعض المارة في إشفاق: إنها رحلة قاسية.
       غير أنها تمضي إلى رغيف الخبز كعادتها منذ سنوات.


الاثنين، 11 أبريل 2016

المضيفة



قصة: محمود شقير


       يحدث الأمر صدفة كما في القصص والحكايات، يصحو على صوت المضيفة وفي يدها الرقيقة فنجان قهوته، يطري على جمالها الذي تسلل إلى قلبه دون مقدمات، يحمرّ خداها من فرح، لأنها في تلك اللحظة، كانت تشكو من سأم، وتنتظر من يبادلها كلاماً نابعاً من القلب، فقد ملّت حديث المجاملات.
       تهبط الطائرة في المطار، يشعر أن العواطف التي تتشكل فوق الغيوم قد لا تصمد بالضرورة أمام وطأة الممرات الصقيلة وعيون المستقبلين وإجراءات الجمارك وغيرها من إجراءات.
       ينتظر حقيبته قرب الشريط الدوّار، وتأتي المضيفة مثل بقية الركاب لانتظار حقيبتها، ترنو إليه بنظرة فيها الكثير من المعاني، فهي ذاهبة الآن إلى الفندق، وأمامها ليل طويل يفصلها عن رحلة الصباح.
       تستغرقه إجراءات الخروج من المطار، فلا يجد على شفتيه وهو يداري حرجاً كاسحاً- سوى بضع كلمات عابرة يقولها لها لكي تمضي بعيداً عنه إلى حيث لا يدري ولا يهمه لحظتها أن يدري.

       فتمضي، ويغادر هو المطار، ثم يصحو فجأة وهو بين الصحب والأهل- على ندم حارق، لأن عيني المضيفة وهي تمضي، كانتا تنوءان بفيض لا حدود له من مرّ الكلام.

السبت، 9 أبريل 2016

تفاصيل






قصة: محمود شقير


       تحدثه عن أفراد أسرتها واحداً واحداً وهو يصغي باهتمام. أمها التي ثكلت زوجها مصابة بالربو وبحساسية في الأنف، تعطس بدون مناسبة في كل الأوقات. أختها الصغرى التي ودعت عامها الرابع عشر تقضي كل وقتها مع كتبها المدرسية، وتصلي لربها على نحو متقطع في بعض الأحيان. أخوها الذي يعمل تاجراً في سوق القماش أحب امرأة جاءته مرة للشراء، غير أن حبهما بعد أشهر مات. أختها التي تصغرها بأربع سنوات تدرس الفلسفة في جامعة بعيدة، وتحلم دوماً بفتى لا يخون، هكذا تكتب لها في رسائلها، وتتمنى أن تصبح كاتبة ذات شأن.
       تحدثه عن كل التفاصيل، وتقول إنها حزينة لأن الأسرة لا تلتئم إلا نادراً على مائدة العشاء، ثم تطفر من عينيها الدموع وهي تتذكر أباها الذي مات قبل أن يشبع من الحياة.
       ويفترقان، فيعتريه الهم لأن للمرأة التي تبوح له بكل شيء، قلباً قد ينفطر إذا ماتت الأم بغتة، أو رسبت الأخت الصغرى في الامتحان، أو وقعت البنت الأخرى التي تدرس الفلسفة في قبضة فتى خوّان.


«مديح لنساء العائلة» لمحمود شقير.. اسم آخر للشتات





 *بقلم: طارق إمام

تقوم رواية «مديح لنساء العائلة» للروائي الفلسطيني محمود شقير (دار نوفل، بيروت) على استقراء مرحلة جوهرية في خارطة التحول الفلسطيني، تتخذ من قراءة التحولات القبلية أو العشائرية منصة لها، راصدةً تحولها من الانسجام الجمعي إلى الفردية التي تحطم مرة بعد أخرى أسطورة الاتساق. تنطلق الرواية، المدرجة ضمن اللائحة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية)، من سنوات النكبة وحتى مطلع ثمانينات القرن العشرين، حيث مأساة صبرا وشاتيلا وانبثاق حلقة جديدة من حلقات المقاومة. وفي القلب من هذه الخارطة، حيث يستكمل شقير في هذه الرواية ما بدأه في روايته السابقة «فرس العائلة»، تنهض النساء كبطلات في سياق تحول قبلي (تعكسه روائياً قبيلة العبد اللات) سار بالتوازي مع التحول الفلسطيني.
«بعد قليلٍ من التمنّع، رضيت رسمية بارتداء السروال الداخلي القصير، ورافقت زوجها، عاشق سميرة توفيق، إلى سهرات “نصّ الليل”. نساء عشيرة العبد اللات لم يسكتن طبعًا على هذا السلوك. مثلما لم يسكتن على نجمة التي خلعت الثوب الطويل وارتدت الفستان بعد مغادرتها راس النبع وإقامتها في المدينة. سناء أيضًا، الموظّفة في بنك، لقيت نصيبها من مرّ الكلام بعد أن نزلت مياه البحر ولوّحت الشمس بياض ساقيها. كلّ ذلك ووضحى، سادس زوجات منّان، كبير العشيرة ومختارها، لا تزال تتوجّس من الغسّالة والتلفزيون المسكونَين بالعفاريت». هكذا يرصد السارد هبوب الحداثة وتأثيراتها على النساء خاصة، بلغة تقترب في أحيان كثيرة من الحكي الشفاهي، في سيولة المحكي الذي يترى بعفوية. غير أن الجذر الذي يشد جميع شخصيات هذه الرواية، هو تحقيق النزوع الفردي على جثة الاتفاق الجمعي، وهو ما ينتهي، مرة بعد أخرى، بالخسارات الفادحة. ذلك الاتفاق هو ما يمثله «منان»، الأب بالمعنى الرمزي الذي يتجاوز وظيفته ضمن القبيلة. منان هو إله القيم القبلية التي ما تلبث أن تتفكك مع التحولات المتلاحقة. منان، الذي يجسد صورة عتيقة للرجل الشرقي، مطلق الحرية والسلطة، ورث وظيفة المختار أباً عن جد. إنها الشخصية الأسبق على لعبة التحولات التالية، والتي ما تلبث أن تغترب مع التغيرات اللاهثة في السياق. يتعرض منان لطعنة غير متوقعة تمتد بها يد ابنته بالذات. تهرب «فلحة» لتتزوج من أحد شباب المخيمات، حيث لا تجد ظهيراً سوى العم عباس. ويضطر الأب لاحقاً، مجبراً مضطراً، للصفح عنها. تحول كهذا ما كان مصيره ليصير الرضوخ للجموح الفردي على حساب العرف الجمعي، فمصير فلحة الوحيد هو أن تقتل انتقاماً لشرف القبيلة.
بالمنطق نفسه، يتزوج «محمد الكبير» من مريم النصرانية، ضارباً بالثقافة والتقاليد عرض الحائط، انسجاماً مع قناعته الفردية. لن تمثل هذه الزيجة خروجاً على الأعراف وحسب، لكنها ستفتح باباً آخر أمام محمد الكبير، سيدلف منه لعالم النضال، منضماً للحزب الشيوعي على يد أخيها، ليتعرض للسجن أكثر من مرة، قبل أن يُنفى من القدس إلى عَمّان.
الخروج عن الاتفاق الجمعي يجد مظهراً ثالثاً مع فليحان، الذي يتزوج بدوره «رسمية»، إحدى فتيات المخيم، ويهرب معها ليتزوج بها، قبل أن يلقى عقابه بطلق ناري من ابن عمها وخطيبها السابق والذي تحول إلى فدائي، يقعده على كرسي متحرك. فليحان يخرج عن الاتفاق الأخلاقي نفسه عندما يعمل في التهريب مجنداً عدداً من رجال القبيلة، وليصير فلحان نموذجاً للأثرياء الجدد في المجتمع الفلسطيني.
بدوره يخرج أدهم عن الاتفاق عندما يعيش مغامرة الزواج من سائحة أثناء عمله في أحد الفنادق، ويعيش تحولاً غير متوقع بالتحاقه بالعمل الفدائي، قبل أن يتلقى الحكم على يد قوات الاحتلال بالسجن المؤبد.
لن يشذ محمد الأصغر عن قاعدة الخروج عن الاتفاق، فكاتب المحكمة الشرعية والمأذون، يتزوج بامرأة مطلقة تركها زوجها لأنها لا تنجب. يتخذ محمد قراره متحملاً النقد اللاذع وإنكار القبيلة. «كان المخيم يغرق في الوحل بعد مطر شديد. وكنت أتلفت في كل اتجاه، فأرى بيوتاً متطامنة كما لو أنها تشعر بالخجل، وصرت كلما زرت قرية فلسطينية أو مدينة تلبّسني هذا الإحساس. أرى الخجل مهيمناً على الأمكنة وعلى البيوت، على القرى والمدن، فيتضاعف شعوري بالصغار».
وفي اتجاه آخر، ربما لا يقل فداحة، يقرر عطوان الهجرة إلى أقصى العالم، إلى البرازيل، حيث العالم الجديد. يتزوج ببرازيلية (إيذاناً بمولد سلالة جديدة في أرض أخرى لن تحمل من الماضي سوى الاسم). يختفي عطوان، مكتفياً برسائل متفرقة، تعرضها الرواية وقد نابت ليس فقط عن صوته، بل عن حضوره كذات إنسانية.
خريطة مصائر متشابكة ترسمها «مديح لنساء العائلة» لتقف على تناقضات الشخصية الفلسطينية فنياً، في سياق فكرة «الخروج»، سواء أكان الخروج من عباءة الماضي، أو القبيلة، أو الموروث، وهو الخروج الذي قلما يفلح.. لترسم الرواية، عبر محكياتها الصغيرة، محكيتها الكبيرة ومشهدها الكبير.
عن الانترنت/ جريدة عُمان

8 / 2 / 2016

الأربعاء، 6 أبريل 2016

ماريا





قصة: محمود شقير


       تأخذني ماريا التي تعرفت عليها صدفة إلى قلب المدينة، حيث التمثال الذي يهب الخير والبركة لكل المحبين، نتأمل التمثال وقتاً، ثم نبتعد، ماريا وأنا، نحو مطعم خافت الأضواء، تغني فيه فرقة من الغجر، أشرب نبيذاً معتقاً من صنع فلاحات الحقول، فيعتريني حزن مفاجئ.
       تحاول ماريا أن تسرّي عني، تحدثني عن بيتها القروي البعيد حيث تقضي أيام الآحاد هناك. ماريا تتحدث في الوقت المناسب، وتصمت في الوقت المناسب، وأنا لا يغادرني الحزن، بخاصة وأن ماريا هذه تتسلل إلى قلبي بخفة قطة.
       نغادر المطعم، نمشي على مهل في شوارع الليل، ومن النوافذ الفسيحة يطل بين الحين والآخر رجال ونساء لهم حكاياتهم التي لا ندري، أنا وماريا، عنها شيئاً.
       يقترب الترام، تقرر ماريا العودة إلى البيت على أن نلتقي صباحاً. في الصباح، انتظرت وقتاً دون أن يلوح شعر ماريا الأشقر الهفهاف. بحثت عنها في طرقات المدينة يوماً كاملاً، فلم أعثر عليها لأخبرها برغبتي في أن نظل معاً - أنا وماريا- إلى الأبد.


الأحد، 3 أبريل 2016

محمود شقير لـ24: وصول روايتي للبوكر تكريم للقدس وتقدير لتجربتي




حاوره: أحمد علي عكة
يطمح الروائي الفلسطيني محمود شقير من خلال كتاباته أن يتحدث عن تطلعات وطموحات ورغبات وأشواق الشعب الفلسطيني من خلال حبه لوطنه وتطلعه إلى حياة حرة كريمة مبرأة من قيود الاحتلال.وأكد شقير في حوار مع 24، أن مقاومة الاحتلال تأتي من خلال الاحتفاء بالمكان الفلسطيني بعداً وطنياً وإنسانياً، ويصبح تدوين كل ما تختزنه الذاكرة من تفاصيل ضرورياً للرد على محاولات العدو تجريد الأجيال الجديدة من ذاكرتها بالمحو وبغسل الأدمغة وبمخططات الأسرلة. 24 كان له هذا الحوار مع شقير للتعرف أكثر على ملامح مشروعه الأدبي.

ما الذي يمثله لك وصول روايتك "مديح لنساء العائلة" إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر 2016؟هذا الوصول يضع على عاتقي مسؤوليات جديدة، بأن أواصل الكتابة على النحو الذي يسهم في تعزيز مكانة الرواية العربية. وفي هذا الوصول تقدير لروايتي ولتجربتي الطويلة في الكتابة، وفيه تكريم للقدس التي تلعب دوراً رئيساً في التأثير على مسارات عدد من شخوص الرواية.


تتناول روايتك "مديح لنساء العائلة" المرأة الفلسطينية برؤية جديدة، اشرح لنا هذا؟حاولت في هذه الرواية أن أتناول موضوع المرأة من دون مبالغات، وأن أتطرق لنماذج متعددة غير نمطية من النساء، ولتعدد مواقفهن من الحياة تبعاً لمدى توافر الوعي وتفاوته بين امرأة وأخرى. هناك على سبيل المثال النساء المنضويات تحت تأثير الثقافة الشعبية السائدة، حيث تسود في أوساطهن محدودية الوعي بحقوقهن، وحيث يتحفظن على كل محاولة للخروج نحو آفاق جديدة. هناك النساء اللواتي خرجن على السائد والتحقن بالمدينة وبما تتيحه من فرص للتطور الاجتماعي، وذلك بفضل التعليم وممكناته من جهة، أو بفضل المعايشة اليومية لأجواء المدينة ولما تفرضه من فرص للتفتح الذهني من جهة أخرى.

وهناك نموذج المرأة المتحصلة على قدر من الوعي السياسي بسبب انتمائها للفكر التقدمي الذي ظهرت بواكيره في فلسطين منذ عشرينيات القرن العشرين، بحيث تظهر آثار هذا الفكر في سلوك المرأة اليومي، وفي استعدادها للزواج برجل ينتمي لديانة غير ديانتها، وفي مساندتها لهذا الزوج حين يتعرض للاعتقال بسبب قناعاته السياسية التي استمدها من زوجته. هناك أيضاً نموذج المرأة المتعلمة ابنة المدينة القابلة للعيش في القرية مع زوجها ابن القرية، وقدرتها على صيانة حقوقها داخل الأسرة وفي المجتمع بفضل وعيها المكتسب من المدينة ومن فرص التعلم فيها، ما يجعلها مثالاً يحتذى لنساء أخريات، ويجعلها في الوقت نفسه عرضة للانتقاد من نسوة تقليديات ما زالت لهن قدرة على توجيه النقد عبر النميمة والثرثرة.

رواية "مديح لنساء العائلة" امتداد لرواية "فرس العائلة".. فهل تطمح لأن تكون ثلاثية أو رباعية مستقبلاً ؟كنت معنيّاً منذ شرعت في كتابة "فرس العائلة" بتتبع المسار الطويل لعائلة بدوية فلسطينية ابتداءً من أوائل القرن العشرين حتى يومنا هذا، بحيث أكتب ثلاث أو أربع روايات ترصد سيرة هذه العائلة في الوطن وفي الشتات، وبحيث تُقرأ كل رواية من هذه الروايات باستقلال تام عما سبقها، رغم ما بينها جميعاً من وشائج وصلات. إن سرد هذا المسار وما يعنيه من تشعّب وتشابك ومعايشة لبيئات اجتماعية وحضارية متعددة إنما يعكس بدرجة أو أخرى جوانب من المسار الطويل للشعب الفلسطيني نفسه، جراء ما تعرض له من مآس ونكبات وتشريد وتهجير خلال القرن الماضي وإلى الآن. 

هل مازلت وفيّاً للقصة القصيرة رغم نجاحك في كتابة الرواية والمسلسلات والمسرحيات.. ولماذا؟أعتقد أنني ما زلت وفيّاً للقصة القصيرة. دليلي على ذلك أنني أنجزت كتابة مجموعة قصص قصيرة جدّاً بعد صدور "مديح لنساء العائلة" وسوف تصدر هذه المجموعة قريباً، وفيها أواصل التأكيد على كتابة قصص مستقلة بذاتها ومتصل بعضها ببعض في الوقت نفسه، بما يوحي أنني أستفيد من بعض تقنيات الرواية في نصوصي القصصية، مثلما أستفيد من بعض تقنيات القصة في نصوصي الروائية، أما لماذا هذا الوفاء، فهو مرتبط بأسلوبي في الكتابة، هذا الأسلوب الذي ترسخ على أساس كتابة الجملة القصيرة، وعلى أساس التقشف في اللغة والابتعاد عن البلاغة الزائدة، وعلى أساس الركون إلى خاصية الحذف التي تحفز خيال المتلقي وتدفعه إلى ملء الفراغات في النص القصصي أو الروائي، ما يدخل المتعة إلى نفسه عبر المشاركة في بناء النص. كل هذه السمات الأسلوبية الخاصة بالقصة القصيرة نقلتها إلى حقل الرواية، ما يعني أنني لم أبتعد عن القصة القصيرة حتى وأنا أكتب الرواية، وما يعني أنني قادر على العودة إلى كتابة القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً في أي وقت.

لماذا تأخرت في كتابة الرواية؟ربما لأنني كنت مستغرقاً في كتابة القصة، وربما، وهذا ما صرّحت به غير مرة، بسبب التهيّب من ولوج عالم الرواية. مع ذلك، كنت قد أنجزت كتابة ثلاث روايات للفتيات والفتيان قبل كتابة روايتي الأولى للكبار. وكنت أنجزت مجموعة قصصية للكبار هي "احتمالات طفيفة" التي اعتبرها الناقد حسن خضر رواية مكتوبة على هيئة وحدات قصيرة مكثفة متداخلة ومترابطة، وكذلك مجموعة قصصية أخرى للكبار هي "القدس وحدها هناك" التي اعتبرها الروائي الناقد إلياس خوري رواية. وأنجزت مجموعة قصصية هي "مدينة الخسارات والرغبة" بالإمكان قراءتها على أنها رواية. وكنت كتبت رواية بعد خروجي من السجن الإسرائيلي وإبعادي من الوطن في العام 1975، فلم أقتنع بها ولم أنشرها. بهذا المعنى يمكن القول إنني مارست كتابة الرواية على نحو ما قبل أن ألج عالمها على نحو صريح. 

ما الذي قدمته من خلال تجربتك الخاصة في أدب الأطفال؟نشرت ما يزيد عن خمسة وعشرين كتاباً للأطفال وللفتيات والفتيان تراوحت ما بين القصص والنصوص المسرحية والسيرة والروايات. أعتقد أنني انتبهت إلى ضرورة الكتابة لليافعين الداخلين في طور المراهقة، وهذا أمر بالغ الأهمية، حيث إن الكتب المكرسة لهم ولمشكلاتهم قليلة جداً في المكتبة الفلسطينية وكذلك العربية. أنوّه هنا برواياتي "أنا وجمانة"، " أحلام الفتى النحيل" و "كوكب بعيد لأختي الملكة" على سبيل المثال. وأعتقد أنني انتبهت إلى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال ومن الفتيات والفتيان، وأنوّه هنا بقصتي "طيور على النافذة" وبروايتي "في انتظار الثلج" التي صدرت قبل أيام عن الدار الأهلية في عمّان.

باعتبارك أحد أهم كتاب القصة القصيرة جداً في العالم العربي، مارأيك في عدم اعتراف الكثير من الكتاب العرب بها؟ بالطبع، من حقهم ألا يعترفوا. لكن هذا اللون الأدبي موجود على صعيد الكتابة الإبداعية في العالم. وله كتّابه مثلما له أدباء ونقاد متحمّسون له ومدافعون عن جدواه. ولعل من أبرز الكتاب في العالم الذين أنجزوا عدداً من الكتب في هذا المضمار الأديب الأوروغوياني إدواردو غليانو، الذي توفي مؤخراً. لا أنكر أن هناك وفرة من الكتابات التي تدعي انتماءها للقصة القصيرة جداً، لكنها تقصّر عن الانتماء الفعلي لهذا اللون من الإبداع، إذ تطغى عليها سمات الخاطرة الوجدانية أو النص الإنشائي الغائم، أو الأهجية السياسية المباشرة. مع الزمن، يتم الفرز وتبقى النماذج الحقيقية من القصة القصيرة جداً التي ستدافع عن حق هذا الجنس الأدبي في البقاء وفي التطور والنماء.

هل يعتبر مشروعك الأدبي مقاومة الاحتلال بالعودة إلى المكان والذاكرة والهوية الفلسطينية؟ما أطمح إليه من كتاباتي هو أكبر من ذلك. يعنيني أن أتحدث عن الشعب الفلسطيني باعتباره شعباً مثل باقي الشعوب، له تطلعات وطموحات ورغبات وأشواق. وهو يحب وطنه ويتطلع إلى حياة حرة كريمة مبرأة من قيود الاحتلال. ضمن هذا السياق الأشمل تقع مقاومة الاحتلال، ويكتسب الاحتفاء بالمكان الفلسطيني بعداً وطنياً وإنسانياً، ويصبح تدوين كل ما تختزنه الذاكرة من تفاصيل ضرورياً للرد على محاولات العدو تجريد الأجيال الجديدة من ذاكرتها بالمحو وبغسل الأدمغة وبمخططات الأسرلة. كذلك، يصبح الاحتفاء بالمكان والتعويل على مخرونات الذاكرة جزءاً من الهوية الفلسطينية وعنصراً من عناصرها الرئيسة.



كيف ترى المشهد الأدبي والفني الفلسطيني حالياً؟إنه مشهد حيّ متحرك حافل بإنجازات غير قليلة، وينحو في اتجاه متصاعد مستمد من الحيوية التي يتسم بها نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، وصموده فوق أرضه ونزوعه الذي لا يكل من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير والاستقلال. ثمة جهود فردية متميزة في صلب هذا المشهد، وثمة مطالب كثيرة ما زالت تنقص المشهد، منها ضرورة المأسسة وترسيخ بنية تحتية ثقافية تسهم في تطوير صناعة الكتاب ورعاية المسرح والسينما والفن التشكيلي وغير ذلك من فروع الأدب والثقافة والفن، وخلق إمكانات فعلية لتطوير المشهد الأدبي والفني نحو ذرى جديدة.

ماذا عن تجربتك الأدبية المقبلة؟لديّ مخطوطة عن تجربتي في الكتابة، سأدفع بها إلى المطبعة في الشهور القليلة القادمة، ولديّ مخطوطة روائية جديدة للفتيات والفتيان ستصدر قريباً، وأستعد للشروع في كتابة رواية جديدة، أتابع فيها سيرة عائلة العبد اللات البدوية الفلسطينية، وما عاشته من تطورات وواجهته من إشكالات في السنوات الأربعين الماضية، لأكمل بذلك رصد هذه السيرة خلال ما يزيد عن مئة عام. وكنت كعادتي قبل الشروع في الكتابة بدأت، منذ أشهر، تسجيل ملاحظات وبعض توصيفات لطبيعة الشخصيات التي ستظهر في هذه الرواية.